04‏/12‏/2020

البرادو بمربط النعامة



أثقلتي الأيام بالأغلال 
ودهتني بما أشاب قذالي

وسقتني الصروف صرف الدواهي
وروتني ولم تزل في انهمال

نادمتني .. فما أمر نديم السوء
يسقيك كأس هم زلال

ويغاديك بالعبوس ولا
يمسيك إلا وأنت رهن اعتلال

كل يوم أبيت منه بأثقال
كأني بالأمس قد كنت خال

وكأني مرمى لكل النبال
ومرامٌ للمرهفات الصقال

ومنالُ المثقفات الطوال
ومراد الكماة يوم القتال

كيف أجلو هذي المغيرات
عن حوضي ووحدي مبرز للنزال

وكأني -أستغفر الله- سبط
لنبي وألف شمر قبالي

الإتاوات والجبايات والحظر
وغل الأرزاق بالأغلال

يا خليلي كيف أنفك عن نفسي
وأنسل من لآمة حالي

قربا ما يميط عن وجه
أيامي سواداً .. وما ينير الليالي

قربا مربط البرادو مني
إن نفسي تحن للترحال

قربا مربط البرادو مني
قربا لي سماوري دلالي

قربا مربط البرادو مني
قرباها لكي أصفي بالي

قربا مربط البرادو مني
وانظرا كيف تستحيل الليالي

22‏/08‏/2020

اعتذار

هل في دمائي ما يكفي من البلل
حتى يداف على ذنبي ويغفر لي

هل انعصار المآقي وهي يابسة
وخلع جلمود قلبي وهو لم يزل

وهل لأيامنا الحلوات يا أملي
وعشقنا بعضنا الأصفى من العسل

وهل لما كان من طهر ومن شغف
وما بنيناه في أيامنا الأول

يكفي لأن ينزل الغفران بين يدي
ويسكب النور من عينيك في مقلي

هبي بأني أقوى .. لست ذا جلد
على اجتراح فؤاد بالحنان ملي

لكن هبي .. كيف لي صبر إذا انحرفت
عيناك بالحب عني .. وهي لي أملي

لا تقتليني بالهجران .. إن دمي
مما أحس وما عاناه في وجل

يكاد يخنقني قلبي على شططي
وتلتوي في ظلام التيه بي سبلي

ولا أرى لي من مأوى ألوذ به
سوى رضاك .. فجودي بالوداعة لي

يا دفقة من حنان الله يا أملي
يا واحتي في جديب العيش والعلل

لا تحرميني من الأنس الذي انعقدت
روحي به عقد مشبوب ومبتهل

لا منعيني صلاتي فيك يا حرما
به المحاريب لا تخلو من العمل

لا تركنيني على رف الفراق فلا
رقم له في رفوف الحب والوصل

لا ترمقيني بطرف موجع غضب
فليس تقوى على أرضائه حيلي

لا تسمحي أن يرى الشمات جنتنا
أغصانها من شحيح الحب في ذبل

غيض العدى من تساقينا الهوى فدعو
فرد دعوتهم ربي على عجل

26‏/08‏/2015

كتاب أصداء الشهادة الجزء الثاني حول القديح والعنود


 للقراءة والتحميل: https://goo.gl/NJshqH



بعد مجزرة الدالوة المروعة التي وقعت في ليلة العاشر من المحرم من هذا العام 1436ه والتي وقعت في حاضرة الأحساء، بعدها بعدة أشهر طلعت علينا الجماعات الإرهابية المتطرفة من جديد بعمليتين إرهابيتين استهدفت المكون الشيعي في حواضره الأخرى شرق المملكة العربية السعودية، حيث وقعت مجزرة في القطيف من خلال استهداف مسجد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في قرية القديح في يوم الجمعة الرابع من شهر شعبان، وأتبعها محاولة استهداف مسجد الإمام الحسين عليه السلام في حاضرة الدمام في الجمعة التالية يوم الحادي عشر من شعبان.
هذه الأعمال الإرهابية حفرت في صلب نفوس وأرواح أبناء المنطقة بحيث لا تعد أحداثاً عابرة، وإنما هي محطة دموية زودت الناس بالكثير من المشاعر، وأسست لوعي جديد وأسلوب جديد، ينطلق بالمجتمع نحو أفق جديد محفوف بالدماء والخطر.
ولأن كثيراً من المطالب التي رفعها العقلاء في هذا الوطن – والتي رصدتها في الجزء الأول من هذا الكتاب – لم يتم أخذها بعين الاعتبار، بل على العكس، كثير من الأخطاء أخذت بالتصاعد، لذلك فإن ردود الفعل اختلفت حدتها التي تصاعدت إلى حد كبير، فلا الإعلام الرسمي وشبه الرسمي خفف من حدة خطابه المستهدف للشيعة، ولا الصحافة والإعلام أوقفا التحريض، وقبل ذلك لم يصدر من الجهات الرسمية اعتراف واضح بأن الشيعة مسلمون، هذا بالإضافة إلى تخوين كثير من المواطنين الشيعة ونسبتهم إلى "المشروع الإيراني" عبر كثير من وسائل الإعلام.
كل ذلك بالإضافة إلى إراقة دماء أبناء هذه الطائفة الذي لا لمبرر إلا هويتها المسحوقة والمكفرة في الإعلام الرسمي وشبه الرسمي، كل ذلك ساهم في رفع الشيعة صوتهم بمطالبهم التي تضمن لهم الحماية والأمن والمحافظة على تدينهم وبلادهم.
وفي هذا الكتاب قمت برصد ردود الأفعال والإدانات وحتى المجاملات التي لم تكن تخلو من التحامل على الشيعة والاستماتة في تبرئة خصومهم من المحرضين فيما وراء سطورها. ردود الأفعال هذه التي صدرت في الخطب والمقالات والبيانات والقصائد والمواقف التي وردت حول فاجعة "شهداء المحراب" التي وقعت في القديح، والوقفة البطولية التي وقفها "حماة الصلاة" في الدمام، وذلك في تبويب شبيه بما سرت عليه في الجزء الأول من هذا الكتاب والذي كان حول شهداء الدالوة.
ولم أفصل بين الحادثتين في هذه الأبواب رغم ترتيب المقالات حسب الأسبقية وذلك لوحدة سياق الحادثتين رغم بعض الفروق بينهما، فما حدث في القديح هو غدر وهجوم من الخلف وقد "وقع الموت عليهم"، وأما ما حدث في الدمام فهو رصد للجاني وافتداء للمؤمنين بالأرواح، أي إنهم "وقعوا على الموت"، وما داموا على الحق فإنهم لا يبالون أوقعوا على الموت أم وقع الموت عليهم كما يقول سيد الفداء علي الأكبر بن الإمام الحسين بن علي عليهم السلام.
وأضفت هنا توثيقاً للحدث مع عرض للمقدمات وتعليق على بعض ردود الأفعال التي كان لابد من الوقوف عليها، متحرراً في هذا الجزء من العمل تحت مزاج أحد كما حدث في الجزء الأول، حيث عملت بما تراه اللجنة مناسباً، ومع ذلك فإن الكتاب لم ينشر من قبلهم ولا تمت الإشارة إليه بعد نشره على الإنترنت.
وبحسب متابعتي فإن هناك من المؤمنين المهتمين بتوثيق هذا الحدث من عمل على توثيق كل حادثة من الحادثتين على حدة، وفي ذلك من الأهمية الشيء الكثير، لأن تلك الجهود قد تسلط الانتباه على دائق أمور ربما يفوتني ذكرها بسبب بعدي الجغرافي عن موقع الحدث وقت العمل، بالإضافة إلى أن الإخوة عملوا على ذلك وهم في الوطن، وهذا يعطيهم ميزة عني لا يجب أن يغفلها المتتبع.
وللحيلولة دون تشكيل البعد الجغرافي ثغرة كبيرة في وجه هذا الكتاب فقد تعاون معي بعض المؤمنين في الوطن للوصول إلى بعض الحقائق التي لم أتمكن من الوقوف عليها من خلال وسائل الإعلام وذلك عبر التواصل السهل بالوسائط المختلفة، فلهم جزيل الشكر على كل ما قدموه في سبيل هذه القضية من تعاون ومن عمل شاق في مواكبة الأحداث بالمساعدة والمشاركة ورفع صوت الظلامة التي وقعت على شيعة أهل البيت عليهم السلام من الطغمة الظلامية الفاسدة.
وإن حق الشهداء لا يوفيه سفر ولا فيلم ولا مجلس، ولكن هذا العمل هو فقط محاولة لتخليد هذه الحوادث في الذاكرة المكتوبة، للاستفادة منها في المراحل القادمة، وأؤكد هنا على ما قلته في مقدمة الجزء الأول، أن هذا الكتاب هو بمثابة الهيئة الاستشارية لما فيه من الآراء المختلفة حول القضية.
ولا يفوتني التنبيه إلى عدة أمور هي غاية في الأهمية وذات علاقة صلبة بموضوع بيد أنها لا تدخل ضمن موضوع هذا الكتاب:
  • ·        تفجير مسجد الإمام الصادق عليه السلام في دولة الكويت والذي استهدف الشيعة أيضاً وتبناه داعش ونفذه سعودي من مدينة القصيم، فهو مرتبط بحادثتي القديح والعنود ولكنه لم يدخل في هذا الكتاب لعدة أسباب منها عدم إلمامي بتفاصيل المشهد في الكويت وأن في الكويت من هو أقدر على الكتابة حوله.
  • ·        تفجير مسجد قوات الطوارئ في مدينة عسير، فهو أيضاً مرتبط بهتين العمليتين وكذلك عملية مسجد الإمام الصادق، وكذلك نفذه تنظيم داعش، وهو خطير جداً من الناحية الأمنية من حيث اختراق قاعدة عسكرية، ولم يدخل في هذا الكتاب لعدم إلمامي بالحادثة بالشكل الكافي.
  • ·        امتناع مجلس الشورى عن النظر في قانون الوحدة الوطنية، وذلك رغم الحاجة إليه، فلم أفرد لذلك فصلاً، وإنما أشرت إليه في بعض الهوامش، كما نقلت بعض المقالات التي تناولته ومنها مقالات أعضاء سابقين في المجلس.
  • ·        كذلك يجدر الإلفات أن وزير التعليم الحالي عزام الدخيل قدم بعض الوعود بإصلاح مناهج التعليم، ولكن مناهج العام الدراسي التالي للحادثتين أتت غير مخيبة للتوقعات، ولكنها مخيبة للوفاق الوطني، حيث لم تخلُ من التكفير الصريح، ولعلي أو غيري نوفق في رصد ذلك في عمل مستقل.

وختاماً أسأل الله أن يحقن دماء المسلمين في كل مكان وأن يجتث شأفة الظالمين والمجرمين.

يوسف النمر     

مدينة دنفر، كولورادو



31‏/05‏/2015

لحظة استشهاد الفدائيين #حماةـالصلاة

عبثا يحاول كل منا رسم تلك اللحظة التاريخية التي طارد فيها القتيل قاتله وعانق الشهادة والبطولة .. ثم نتاثر جسده في كل بيوتنا .. كل شلو من هذه الأشلاء الطاهرة افتدى به أهل ذلك البيت من مجزرة كادت أن تقع.
ربما لم يسمع الكثير صوت الشهداء الأبطال وهم ينقضون انقضاض الشواهين على ذلك الضبع الغادر .. ووالله إنها صرخات حيدرية وصولات حسينية وفدائية عباسية .. فقد احتوشوه من كل جانب وهم في عتادهم الكامل .. كان سلاحهم سواعدهم التي التفت عليه ومنعته من الاقتراب من مسجد الله .. وكانت متاريسهم صدورهم المفعمة بالشجاعة .. وكانت وثبتهم الهصور لحظة من اللحظات الخالدة.
عندما يرتعد المجرم خوفا من ضحيته .. وعندما يهرب المسلح من الأعزل .. وعندما يختبئ القاتل في عبائة العار ويرفع القتيل هامته في وجه القاتل.. تكون لحظة تراجيديا يكتبها الله ويشهدها الملائكة وترتعد منها الشياطين.
عبثاً يبحث القاتل عن إرهاب أخذوا الشجاعة من منابعها الأصيلة.
"أيها الأحمق .. هل تهدد بالموت عشاق الحسين وهم الذين لا يبالون أوقعوا على الموت أم وقع الموت عليهم" .. هكذا كانت وقفة أهالي الشهداء الذين استبشروا بشهادتهم أكثر من استبشار من يبشر بوليد جديد.. كيف لا وهم يعلمون أنهم يزفون إلى الجنة .. الجنة التي يستقبلهم فيها النبي وأهل بيت النبي .. جنة النبي .. وليست جنتكم التي تتصورونها داراً طافحة بالبغايا والماجنات.
في هذا المشهد القصير قصر اللحظة والطويل طول الدهر .. تتجلى المعركة بوجها الحقيقي .. إنها معركة المفاهيم .. وهي معركة الأخلاق .. وهي جولة بين الحق والباطل في إطار معركة طويلة بين الشيطان وزمرته وبين عباد الله المخلصين.
وهذه المعركة لابد ممتدة عبر القادم من الأيام .. وما لا يعلمه المجرمون أن كل ضبع منهم تسول له نفسه الشيطانية أن يعتدي على مقدساتنا سوف يواجه بنفس القوة والعزيمة .. بل إن الشهداء الأبرار زرعوا في نفوس كل شبابنا هذه الروح التي تفتدي المقدسات بكل شجاعة.. وليس فينا من يخاف الموت..
تحية بحجم الشهادة للشهداء وذوي الشهداء .. وتحية بحكم الفداء لشبابنا الغيور الذين يحصنون مقدساتنا بصدورهم العارية وسواعدهم القادرة على حماية الحمى.

08‏/12‏/2014

كتاب: أصداء الشهادة

كتاب: أصداء الشهادة
رصد للإدانات والآراء حول مجزرة الدالوة

تأليف: يوسف النمر

شكلت «مجزرة الدالوة» التي وقعت في قرية الدالوة بالأحساء في ليلة العاشر من محرم الحرام على حسينية المصطفى منعطفاً خطيراً في تاريخ المنطقة وتطوراً نوعياً في محاولة تصعيد الاحتراب الطائفي في المملكة العربية السعودية وعلى مستوى المنطقة العربية التي تعيش حرباً طاحنة تقودها التيارات التكفيرية المتطرفة، مما دق ناقوس الخطر على مستوى الأمن وكذلك على مستوى الخطاب الإعلامي المحرض على القتل والتكفير على مدار عقود في وسائل الإعلام المحلية والكتب الرسمية والمناهج الدراسية.
وقد توالت ردود الأفعال الرسمية والدولية والدينية والمحلية من أعلى المستويات ومختلف الشرائح والتوجهات على هذه المجزرة التي راح ضحيتها عدد من الشهداء والمصابين، كما تناولتها الصحافة والإعلام بزخم كبير من جوانب جمة برز فيها مناقشة الأسباب وطرح الحلول لتفادي تكرارها حيث، كما برز أيضاً قراءتها في سياق الأحداث على مستوى الإقليم ووضعها في إطارها التاريخي والجغرافي والاجتماعي للوصول إلى رؤية واضحة حول ما يمكن أن يحدث من تطورات بعدها في حال عدم معالجة الأسباب المؤدية إلى الإرهاب من التحريض والتكفير.
ولما لهذه الآراء والنظريات والقراءات والإدانات من أهمية رأيت من الضرورة أن تجمع في كتاب واحد يصدر في أربعين الشهداء رضوان الله تعالى عليهم، فلا شك أن هذا الكتاب سيكون بمثابة هيئة استشارية للجهات الرسمية وغير الرسمية في معالجة الوضع الطائفي في البلاد، وسيكون مستنداً يفيد من يريد قراءة هذا الحدث من جوانبه المتعددة، خصوصاً إذا اعتبرنا أن اختلاف وجهات النظر فيه عامل قوة، فهو ملون بألوان الوطن المتنوعة.
وقد اعتمدت في جمع مادته على وكالات الأنباء الرسمية وعلى الصحافة المحلية والمواقع الشخصية للكتاب، ما عدا القليل منه الذي فرغته من مستندات صوتية كالقصائد الشعرية التي لم أتمكن من الحصول عليها نصاً، وهنا أتقدم بالشكر الجزيل لأخي الحبيب ابن خالتي الصحافي السيد محمد النمر الذي بذل وسعه في إمدادي بكل ما فاتني جمعه من بيانات، فهو متتبع دقيق لكل شاردة وواردة في الصحافة قبل دراسته لهذا الاختصاص.
كما لا يفوتني أن أشكر الصديق العزيز ابن الدالوة البار السيد علي واصل العلي الذي أعانني في التواصل مع الإخوة الأعزاء في اللجنة المنظمة للتشييع وتسليمهم نسخة مسودة من هذا الكتاب في العاشر من صفر. والجمع في هذا الكتاب لم يستبعد رأياً لكاتب أو محلل لأن الغرض من جمعه هو جمع الآراء بكل خلفياتها الثقافية ليتمكن من يطالع فيه من «جمع العقول إليه» كما يعبر أمير المؤمنين .
والله أسأل أن يكون هذا العمل خالصاً له، وأسأله تعالى أن تمتلئ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً وأن يتغمد الشهداء الأبرار في زمرة شهداء الطف.. إنه سميع مجيب.
يوسف النمر
مدينة دنفر/ الولايات المتحدة الأمريكية
الثامن من صفر المظفر 1436

للاطلاع على الكتاب:
أصداء الشهادة: https://www.dropbox.com/s/8ge0qxef4rubqhs/%D8%A3%D8%B5%D8%AF%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%A7%D8%AF%D8%A9.pdf?dl=0

09‏/10‏/2013

دور المسجد في المجتمع .. من خلال الرؤية الحسنية

هذا بحث قمت به قبل 7  سنوات وتم نشره في مجلة مرفأ السلام الصادرة عن اللجنة الثقافية في قافلة السلام في آخر عام للقافلة وأول عام للمجلة.. وأعتقد رغم الزمن أن فيه توضيحاً لما ينبغي أن يكون عليه المسجد، ولذلك أتمنى عليك عزيزي القارئ أن تأخذ هذه المدة في عين الاعتبار عند نظرك إلى لغة الموضوع وأسلوبه .. فأنا لم أعد ذلك الذي كتبه.
 
 
التكامل في السير إلى الله
بقلم: يوسف اليوسف النمر
مدخل
   الإنسان عندما تحاصره الهموم وتلفحه الأحزان وتطرق بابه النوائب فإنه يفتش عن الروح الذي يبثه همومه وأحزانه وربما يناجيه ويفضي إليه ما يجد ويحط من الثقل الجاثم على صدره ويرجّل الهم الممتطي قلبه وذلك لأن النفس تمل من الحمل وتحتاج إلى البوح ولا تبوح إلا لمن يستحق ويتحمل.
   والذي يتسع صدره إلى هذا البوح يستحق الجائزة الإلهية على هذا الاستماع لأنه ساعد أخاه على تحمل همه وربما مد إليه يد العون في إيجاد المخارج مما هو فيه وهذا العمل هو من أحب الأعمال إلى الله تعالى. يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: "من كفارات الذنوب العظام إغاثة الملهوف والتنفيس عن المكروب".
   وهنا أعتقد أنه علينا أن نتوقف قليلا ونرجع إلى أنفسنا ونسألها: إلى من يا ترى كان علي بن أبي طالب يلجأ ليلقي عن كاهله الهموم إذا ألمت به؟! ومن هو الذي يستحق أن يحمل هم الإمام علي عليه السلام الذي حمل هموم الدنيا وحسبه أنه صبر"وفي العين أذى وفي الحلق شجا"؟! يا ترى من هو هذا الذي يعي هم الإمام أمير المؤمنين حق الوعي؟!
   هذه الاستفهامات نجد جوابها في كتاب أمير المؤمنين الخالد ووصيته الرائعة التي أوصى بها ابنه الإمام الحسن حيث يقول: "أما بعد: فإن فيما تبينت من إدبار الدنيا عني وجموح الدهر علي وإقبال الآخرة إلي ما يزعني عن ذكر من سواي والاهتمام بما ورائي غير أني حيث تفرد بي دون هموم الناس هم نفسي فصدفني رأيي وصرفني عن هواي وصرح لي محض أمري فأفضى بي إلى جد لا يكون فيه لعب وصدق لا يشوبه كذب. ووجدتك بعضي بل وجدتك كلي حتى كأن شيئا لو أصابك أصابني وكأن الموت لو أتاك أتاني فعناني من أمرك ما يعنيني من أمر نفسي .......".
   هنا نجد أن أمير المؤمنين الذي جعله القرآن الكريم في منزلة رسول الله صلى الله عليه وآله (وأنفسنا وأنفسكم) قد جعل منزلة الإمام الحسن من نفسه كذلك "بل وجدتك كلي" "فعناني من أمرك ما يعنيني من أمر نفسي" وهذا يدعونا إلى الوقوف أمام شخصية الإمام الحسن عليه السلام.
   ولا يجدر بأحد أن يدعي بأنه سيسلط الضوء على شخصيته عليه السلام لأنه من أهل بيت خلفهم من سلفهم "كالضوء من الضوء" ولكننا سنحاول أن نقتبس من هذه الأنوار التي اختارها الله لنا وسأحاول أن يكون هذا الموضوع انطلاقة لي ولك عزيزي القارئ إلى البحث عن هذه الشخصية التي أجحف بها الكثير وذلك من خلال إطلالة على بعض تراثه الذي نحاول أن نستفيد منه في التكامل الشخصي:
التكامل في السير إلى الله
   يقول الإمام المجتبى  عليه السلام: "من أدام الاختلاف إلى المسجد أصاب إحدى ثمان: آيةً محكمةً وأخاً مستفاداً وعلماً مستطرفاً ورحمةً منتظرةً وكلمةً تدله على الهدى أو ترده عن ردى وترك الذنوب حياءً أو خشيةً".
   هذه الرواية تذكرنا بما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله "أوتيت جوامع الكلم" لأنها مع إيجازها وسهولتها إلا أنها تحمل معان كبيرة وتحدد لنا الرؤية الإسلامية في التكامل الشخصي وهذا ليس بغريب على وارث علم رسول الله صلى الله عليه وآله، فقد أشار الإمام الحسن عليه السلام إلى الأبعاد التي يحتاج الفرد المسلم إلى تطويرها في شخصيته وذلك ليستطيع أن يبنيها وفق المنهج الإسلامي وكيف استطاع الإسلام من خلال المسجد أن يعمل على بناء الشخصية بناء متكاملا محكما نوجزها في الآتي محاولين إيضاح دور المسجد في كل من هذه الأبعاد:-
أ – البعد الفكري:
   الإنسان في سيره إلى الله سبحانه وتعالى يحتاج إلى الرفد الفكري وهذا الأمر بديهي فتفكر ساعة خير من عبادة سنة فالإنسان قد يقع في بعض المهالك التي لا يمكنه تجنبها من دون رافد فكري متين.
   يقول الإمام الحسن عليه السلام: "عجبت لمن يفكر في مأكوله كيف لا يفكر في معقوله فيجنب بطنه ما يؤذيه ويودع صدره ما يرديه". فحري بالإنسان أن ينظر إلى ما يودعه صدره تجنبا للمهلكة وابتغاء مرضاة الله عز وجل.
   وقد حدد الإمام الروافد التي يحتاج إليها المفكر لكي يستطيع أن يكون من الناظرين إلى ودائع صدره وهي – أي الروافد – على قسمين ترتيبيين:– 
   أولا: الروافد السماوية (آية محكمة)
   فعلى المفكر أن يشكل لنفسه قاعدة ثقافية صلبة عمادها القرآن الكريم وسنة النبي الأكرم وأهل بيته عليهم السلام وذلك لتكون هذه الأرضية هي الأساس والفيصل في سائر الأمور.
   يقول الإمام الحسن عليه السلام: "ما بقي في الدنيا بقية غير هذا القرآن فاتخذوه إماماً يدلكم على هداكم".
   ثانيا: الروافد المعرفية العقلية (علما مستطرفا)    
   بحيث يعرض كل ما توصلت إليه الإنسانية من المعارف على القرآن الكريم وسنة النبي وأهل بيته ويأخذ ما يتوافق وما يقولون وإذا كان مخالفا لكلامهم فإنه مردود.
   والمتبع لهذا المنهج يستطيع أن يستفيد من كل شيء وذلك من دون مخالفة الدين ومن دون التقوقع والتحجر في الفكر (وكذلك جعلناكم أمة وسطا).
   يقول الإمام الحسن عليه السلام: "ما يعلم المخزون المكنون المجزوم المكتوم الذي لم يطلع عليه ملك مقرب ولا نبي مرسل غيرُ محمد وذريته".
دور المسجد في البعد الفكري
   والذي يديم الاختلاف والتردد على المساجد يستطيع أن ينهل من أصول الفكر الإسلامي وأن يشكل القاعدة الثقافية القرآنية وفق منهج الرسول الأكرم وأهل بيته سلام الله عليهم أجمعين وذلك لأن المسجد يفترض أن يكون مدرسة لمثل هذه العلوم وهو وأن لا يخلو من حلقة درس ومنبر يبث فكر أهل البيت وتلاوة لكتاب الله العزيز، وذلك حتماً يشمل كل العلوم التي يحتاجها المجتمع.
ب – البعد الاجتماعي:
   لقد خلق الله الإنسان اجتماعيا بطبيعته فهو لا يستطيع أن يعيش بمعزل عن المجتمع ولذلك فإنه يحتاج إلى النظام من أجل الاستمرار في الحياة من دون تضارب في الحقوق والواجبات التي تحتمها عليه الطبيعة الاجتماعية.
   ما نريد الإشارة إليه في هذا المورد هو ما يقوله الإمام الحسن عليه السلام في الرواية التي اتخذناها موضوعا حيث يشير بعبقرية – وليس ذلك عليه بغريب – إلى أمر مهم ومرتبط جداً بقضية التكامل:
الأخوة الإسلامية (أخا مستفادا):–
   إن الأخوة من دون شك من أكبر الإنجازات التي حققها الإسلام ويسعى إلى ترسيخها على أساس سليم. ولو استعرضنا التاريخ لوجدنا المؤاخاة التي قام بها رسول الله صلى الله عليه وآله وأثرها في المجتمع حيث تغيرت الاعتبارات القبلية والعصبية لها إلى العلاقات الأخوية الإسلامية وقد ساهم بناء المسجد النبوي في تخصيب الأرواح من أجل هذه المؤاخاة كما كان اختيار رسول الله للمتآخين اختيارا دقيقا وحسبنا أنه اختار لنفسه علي بن أبي طالب وهذا دليل قطعي على أن المؤاخاة ليست بالأمر الهين وأنها خاضعة لنظام وقانون لا تكون صحيحة ما لم ينطبق عليها هذا النظام وهي على عدة أصعدة : الاختيار والاستمرار والكماليات إن صحت التسمية.
   وللإمام الحسن عليه السلام نصيحة ينصح بها ولده يقول فيها: "يا بني لا تؤاخِ أحدا حتى تعرف موارده ومصادره فإذا استنبطت الخبرة ورضيت العشرة فآخه على إقالة العثرة والمواساة في العسرة".
   من خلال هذه الرواية نستنبط المواصفات التي نحتاجها لمن نريد مؤاخاته على صعيد الاختيار والاستمرار
1.الاختيار ومعاييره:
أ.أن تكون مصادره الفكرية سليمة.
ب. أن نتيقن منه الفطنة والتدبير.
ج. أن نتيقن منه حسن المعاشرة.
2. الاستمرار ودعائمه:
أ.أن تكون الأخوة مبنية على تبادل إقالة العثرات.
ب. التواصي بالصبر والمواساة في الأمور العسيرة بما يستطيع.
3.كمالات:
   هناك رواية أخرى أعتقد أنها كافية في تبيان الكماليات التي نحتاج إليها على هذا الصعيد لا بأس بذكرها كاملة.
   يقول الإمام الحسن عليه السلام: " إني أخبركم عن أخ كان من أعظم الناس في عيني
·       . وكان عظيم ما عظمه في عيني صغر الدنيا في عينه.
·       . كان خارجا عن سلطان بطنه فلا يشتهي ما لا يجد ولا يكثر إن وجد.
·       . وكان خارجا عن سلطان فرجه فلا يستخف له عقله ولا رأيه.
·       . وكان خارجا عن سلطان جهله فلا يمد يداً إلا على ثقة المنفعة ولا يخطو خطوة إلا لحسابه.
·       . كان لا يسخط ولا يتبرم.
·       . كان إذا اجتمع بالعلماء يكون على أن يسمع أحرص منه على أن يتكلم.
·       . وكان إذا غلب على الكلام لا يغلب على الصمت.
·       . كان أكثر دهره صامتا فإذا قال بزّ القائلين.
·       . وكان لا يشارك في دعوى ولا يدخل في مراء ولا يدلي بحجة حتى يرى قاضياً يقول ما لا يفعل ويفعل ما لا يقول تفضلا وتكرما.
·       . كان لا يغفل عن إخوانه ولا يستخص بشيء دونهم.
·       . كان لا يكرم أحداً فيما يقع القدر بمثله.
·       . كان إذا ابتدأه أمران لا يدري أيهما أقرب إلى الحق نظر فيما هو أقرب إلى هواه فخالفه.".
 
دور المسجد في البعد الاجتماعي
 
 
   إننا عند ملاحظة مركزية المسجد وأهميته في حياة الفرد المسلم بحيث يبحث عن السكن بالقرب منه ولا يترك التردد عليه والتعرف على رواده ندرك دوره الفعال في البنية الاجتماعية وبناء الأخوة الإسلامية مما لا غبار عليه، أضف إلى ذلك أن المساجد يجب أن تحتوي على كل ما من شأنه أن يجعلها محورية في المجتمع، كقاعات الدراسة والمكتبة وحتى رعاية الأطفال. لأن هذه العوامل كلما توافرت كلما صار المسجد مستقطِباً للمجتمع، وأما إن أردناه مسجداً أجوف من كل ذلك هو لن يكون إلا معبداً تعزله جدرانه عن الحياة.
ج– البعد الروحي:
   عندما نتكلم عن الجانب الروحي فإن الموازين والمعايير التي نتحدث بها تختلف عنها في الجانب الفكري والجانب الاجتماعي لأن هذا البعد لا يمكننا أن نتحسسه بالمواد وإنما له أدوات أخرى يدركها الوجدان وأقرب مثال على معايير هذا العالم هو الحب والبغض حيث يمكنهما أن يقلبا الحسن قبيحا والقبيح حسنا إذا ما تمكنا وتغلبا على الجوانب الأخرى وفي ذلك يقول الإمام الحسن عليه السلام: "القريب من قربته المودة وإن بعد نسبه والبعيد من باعدته المودة وإن قرب نسبه فلا شيء أقرب من يد إلى جسد وإن اليد تغل فتقطع وتحسم".
   على هذا الصعيد يجب على الإنسان أن يحترس جداً كي لا يقع في ما لا يحمد عقباه من حب الدنيا التي يقول عنها الإمام الحسن: "من أحب الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه".
   هذا ما يخص المعايير والموازين أما ما نريد أن نتكلم عنه في هذا الصدد هو الإشارة البارعة التي أشار بها الإمام الحسن إلى هذا الجانب في الرواية حيث اختصر الكثير من الأمور في كلمته "...ورحمةً منتظرةً...".
   هنا يتبادر إلى الذهن سؤال يقول: هل رحمة الله تعالى مختصة برواد المسجد أم أنها عامة على جميع المخلوقات ؟
   الواقع أن الجواب يتراوح بين هذا وذاك ولا يكون دقيقا إلا إذا عرفنا أن الرحمة مقسومة إلى قسمين
1- الرحمة العامة (الرحمن) : وهي التي وسعت كل شيء فالمؤمن والكافر والولي والعدو كلهم ينالون منها ولا يستغني عنها أحد وهي الدليل إلى العبودية حيث كانت فطرة الإنسان تحتم عليه أن يبحث عن مصدر الجود المطلق والمنعم الأكبر فيهدي الله برحمته من يشاء وهذه الرحمة خاصة بالله سبحانه وتعالى ولكنها عامة للخلق أجمعين.
2- الرحمة الخاصة (الرحيم) : وهي الرحمة المنتظرة كما عبر عنها الإمام الحسن التي لا ينالها كل أحد لأنها مشروطة بعدة شروط. فهي خاصة لبعض العباد لكنها -أي الرحيمية- قابلة للإطلاق على غير الله فتجد أنه سبحانه وصف بها نبيه حيث يقول : " بالمؤمنين رؤوف رحيم".
دور المسجد في البعد الروحي
   إن المساجد هي بيوت الله وهذه الحقيقة تبين لنا دور المسجد في تنزل الرحمة على أهله حيث يقول الإمام الحسن عليه السلام: "أهل المسجد زوار الله وحق على المزور التحفة لزائره".ومن مصاديق الرحمة المنزلة والتحفة الربانية في بيوت الله ذلك الدرس العظيم الذي نأخذه بشكل غير مباشر فنحن حين نصلي نذكر رحمة الله أربعين مرة في اليوم والليلة وذلك بقراءة سورة الحمد مرتين في الصلوات الخمس وبهذا التكرار تنتقل الرحمة إلى دواخلنا.
حصيلة التكامل:
   إن الإنسان عندما يلتزم بمنهج التكامل الإسلامي فإنه تلقائيا سيستمر في البحث عن رضا الله في جميع الجوانب الفكرية والاجتماعية والروحية وسيتجنب مسخطات الله فيها وهذا ما أوصى به الإمام الحسن عليه السلام حيث يقول: "ابن آدم إنك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطك من بطن أمك فخذ مما في يديك فإن المؤمن يتزود وإن الكافر يتمتع {وتزودا فإن خير الزاد التقوى}".
   على هذا الأساس فإننا نستطيع أن نستنتج أن الذنوب تنقسم إلى قسمين:
1- المعاصي: وهذه هي ما تسير عكس تيار التكامل وسببها إما الجهل وإما تعمد المعصية.
2- الوقوف: وهي عبارة عن التوقف عن العمل والمكوث في مرحلة معينة وعدم التطور والتمتع بالزاد.
ولأن الذنوب تختلف عن بعضها فإن أسباب تر ك الذنوب تختلف أيضا فالمعاصي تترك لأنها تجلب غضب الله وتترك خشية من الله أما الوقوف فيترك لأنه مخالف لسنة الكون وهي الحركة ويترك لأنه مخالف لكلام الله حيث يقول"يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه".
   وهنا نجد أن تعبير الإمام الحسن دقيق جدا في أن بعض الذنوب يترك من خشية الله وهذه هي المعاصي وبعضها يترك حياء من الله وهذه إشارة إلى المضي قدما في مسيرة التكامل هو ما يقوله الإمام الحسن عليه السلام: "ترك الذنوب حياء أو خشية".
 

12‏/02‏/2013

أخي أحمد .. شمس فوق كل المتطاولين



أخي العزيز وركني الوثيق وشقيقي الحبيب أحمد اليوسف النمر
 
يشهد الله أنك لم تقصر في الوقوف بجانب الحق .. ونصرة المظلوم آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله قدس الله نفسه الزكية.. وأنك إذ دافعت عنه وهو الذي لم تزل التهم تتوالى عليه من المتطاولين .. يحتم عليك أن تأخذ نصيباً من الشتم والتعريض والإهانة .. فاحتسب ذلك عند الله.. وانتهج منهج السيد محمد حسين فضل الله في ذلك ..
 
 وكن مثله إذ جعل حساباته مع الله تعالى ولم يتنازل عن مبادئه وخلقه ودينه من أجل الناس .. وتعامل مع كل الناس بكل حب.. المخالفين منهم والمؤالفين..

إنك يا أخي إن ذبت وانصهرت في حب الله لن ترى الناس إلا عيالاً على الله .. وحق لهم عليك حق النصيحة بالتي هي أحسن ..

فترفع أخي عن رد الشتيمة التي يريدك الشتَّامون أن تنزلق إليها .. فيكون لهم أن يشهروا بك بأنك سبَّاب وشتَّام .. فيلبسوك حلة طالما كانوا بها متسربلين .. ويعيبك واحدهم بما يختمر في قلبه.. فيكون مصداقاً للأحمق الذي يعير الناس بخلق ويرتضيه لنفسه.

يا ابن أم .. إن الذي يغلق عقله عن فهم الأحكام الشرعية .. ويأخذ من أحكام الفقهاء ما يشتهي ويرفض منها ما لا يشتهي .. لهو منتهجٌ بمنهجٍ بعيد كل البعد عن خلق أهل البيت عليهم السلام .. وهو منهج يرفع الشهوات والنعرات النفسية فوق وصايا أهل بيت الرحمة.. فلا تتنزل إلى مجاراته في انحداره .. بل كن كما أنت .. متفانياً في حماية حمى أهل البيت ونوابهم العظام .. متسلحاً بخلقهم في التسامي عن الصغائر والصغار .. كن كما أنت في إخلاصك لقضيتك والتزامك بمبدأ أهل البيت الذي أفنى فيه أهل البيت حياتهم والذي طالما ذكر به السيد محمد حسين فضل الله في حياته عندما قال في الليل وفي النهار وفي الكتب وعلى المنابر: إنني أحبكم جميعاً.
 

فبالحب وحده ستصل إلى الله .. وبالحب وحده ستتسامى عن السفاهات والسفهاء.. وبالحب وحده ستجد نفسك المسؤول عن الحياة كلها في كل طاقاتك .. فتشعر وكأنك الشمس التي يجب عليها في كل صباح أن تمد الكون كله بالضياء دون أن تنتظر مقابلاً من أحد.