01‏/10‏/2011

مجتمعنا .. وهاوية الخلاف




  منذ أربع سنوات مضت ومجتمعنا لا يخلو من الزوابع والرياح التي عصفت لتهدم بنيانه المرصوص .. فتغيرت طرقنا لقراءة واقعنا .. فأدخلنا الفتنة في مأكلنا ومشربنا .. وقدمنا الخلاف على لحمتنا .. وجعلنا الشقاق أنيس فرحنا .. ونصبنا التنابذ تذكاراً لمآتمنا .. وكأن الله قد غضب علينا فجعل كيدنا بيننا .. وحسبي أن أقول بأن الجهود التي أسقطت النظام المصري لا تساوي معشار ما بذلناه لتعميق شرخ ما بيننا ( أعني بذلك من عمل للفتنة وليس من عمل للإصلاح والحق )..

وفي هذه الزحمة تجلت لنا دروس وعبر .. المحظوظ من لم تفته فرصة الاستفادة منها .. والمغبون من ضيع هذه السنوات في الشقاق دونما أي استفادة من تلكم المواعظ ..

وهنا سأسطر بعض الذي استفدته من تلك المرحلة الزاخرة بالدروس العملية الصعبة:

بحكم الواقع الذي افتتن به الناس رأيتني منكباً على قراءة الفقه بمسائله واستدلالاته وأصوله .. فتعلمت طريقة قراءة الفتوى .. وأن الفقهاء إنما يجيبون بقدر السؤال .. وأن الجواب نتيجة تتبع أخس المقدمات كما يقول المناطقة .. فإذا اِلتوى السؤال وكان موجهاً أصبح الجواب تابعاً لذلك التوجيه مما يمكن السائل من استصدار الفتوى التي يريد.

وتعلمت كيف أتجاوز هذا الخلط من خلال قرائتي في الفقه .. فتعلمت أن الحكم شيء والموضوع  شيء مختلف عنه .. والذي يجيبك عنه الفقيه هو الحكم .. وأن المكلف مسؤول عن تشخيص الموضوع .. وعند اختلاف المكلفين في الموضوع وتسليمهم بأن الحكم الشرعي هو دستور الحياة يكون كل منهم معذوراً .. كما يبينه الأصوليون في قاعدة التنجيز والتعذير.

ومن خلال ذلك تبين لي أن الخلاف في مجتمعنا أغلبه خصومات وليس تحكيماً للأسس العلمية .. ولو تركنا النزاع وحكمنا العلم لما حكم العلم على سلوكيات القطيعة والعدوان على المؤمنين في كرامتهم وعرضهم إلا بأنها منكرات ينبغي نبذها قبل كل شيء.

ولأن أكثر المشتغلين بهذه السفاسف فارغون تراهم يكرسون وقتهم ليلاً ونهاراً في الشتائم والبهتان .. ولو كانت لهم تطلعات وطموح لما أشغلوا الناس بهذه الفوضى ..

لقد عصفت بالعالم كله عاصفة الحرية والطموح للتغيير .. فدفعت الشعوب المجاورة لنا دماء شبابها .. واشتغل الرأي العام بمتابعتهم وعيش همهم .. إلا أن الارتكاس لابد وأن يعود بنا إلى حالة التقاطع .. فترانا في كل مناسبة نقبض على قلوبنا خشية الحماقة التي نعلم أنها ستقع ثم نحمد الله أنها تأخرت إلى المناسبة التي تليها ..

وإن أشد ما يدمي الفؤاد هو أننا استبدلنا الاستغفار لموتانا بالشقاق .. ولقد أقض مضجعي أننا في هذه الأيام الثلاثة التي كان من المفترض أن نقضيها في قراءة القرآن على روح المرحوم .. قضيناها بسبب فعل أحمق في غير ذلك .. وهنا أدعو أبناء مجتمعي إلى محاسبة أنفسهم .. لو كنت - يا ابن مجتمعي - مكان هذا الفقيد هل كان يرضيك أن يقوم أحدهم بهذا الفعل ليشغل الناس عن الدعاء لك ؟!
أنت يا من أشغلت الناس بفعلتك هل ترضاه لنفسك؟!
هل تقبل أن يتم التعدي عليك - يا ابن مجتمعي - ولو بالكلمة النابية ؟!
وهل ترضى بأن يهان رمزك وقدوتك ومن له عليك حق التوجيه والتربية؟!
هل تقبل ممن يختلف معك أن يتعامل معك بأساليب الإهانات والابتعاد عن المنهج العلمي؟!

إن الإهانة التي حصلت لهذا العالم لهي إهانة لكل المجتمع .. ولكل رجال الدين فيه .. إهانة للمجتمع لأن هذا الفعل قد استهدف - والحق يقال - رجلاً صاحب أيادٍ بيضاء علينا جميعاً .. فقد حمل على عاتقه النهوض بثقافتنا ووعينا وعمل على تربية الجيل الشاب كأحسن ما يكون .. ولم يغفل في خطاباته عن قضايانا العامة كأصحاب مذهب وقضية .. وعرض نفسه للخطر في سبيل ذلك .. وكل أبناء جيلي ومن حولهم ما يزالون يتلمسون عنايته بهم على وجه الخصوص ..
ولست أنكر جهود الآخرين ولكنني أريد القول بأن التعدي عليه إهانة لرجال الدين لأنه أحدهم .. ولأن التعدي عليه سيجر عليهم مثلما وقع عليه كما يقول الشاعر:

من حلقت لحية جار له
فليسكب الماء على لحيته

وأنا بالأصالة عن نفسي لا أرضاه لأي أحد من علماء الدين .. وأقول: إذا توفاني الأجل فإنني لا أبيح لأحد أني يثير الشقاق في جنازتي ومجلس عزاء أهلي بي .. ولا أريد إلا أن تكون جنازتي جامعة لأهلي كما من الله علي بأن كان يوم زواجي جامعاً لهم.

وأسأل الله أن يحفظ علمائنا من كل سوء .. فإنهم أساتذتنا في الخلق الحسن والقول الحسن .. وأسأله تعالى أن ينفعنا بهم ويجعلهم خير مرشدين لنا إلى طاعته ورضاه.

وأسأله تعالى أن يجنب مجتمعنا ظلمات الفتن .. وأن يجنبني موضعاً أتمثل فيه قول الشاعر:

نصحت فلم أفلح وغشوا فأفلحوا ..

يوسف حسن يوسف النمر

هناك تعليق واحد:

  1. السلام عليكم
    لقد أتحفتنا بكلامات مصففه وبتنسيق جيد
    لكنها لا تمس الواقع بشيء فمنذ اربع سنوات والمجتمع في فتنه ضروس
    تأكل الاخضر و اليابس لم تكن هذه
    الزوابع والرياح التي تدعيها موجوده قبل ذلك الاوان ولكن حدث الطارئ الذي زلزل المجتمع بل الامه بل المذهب

    نعم عندما يعم الفساد بالأمه ينزل غضب الله وبصور شتى وقد نزل علينا في اعز شئ لدينا

    في الدين وفي مجتمعنا الحبيب ان البون الشاسع بيننا وبين ثورات الشعوب انهم يطلبون الحقوق المشروعة فالتئم
    شملهم , وطوائفهم اما نحن فتسود بيننا لغة الغاب فمن
    . كلام احد من كان عليه العول( والله يقول بنسود اللي مايبي السيادة غصبا عليه٠٠فلتدعوني العرب جلادها ٠٠بيقولون ديكتاتور دكتاتور بيقولون ما نتفاهم مانتفاهم )
    نعم قد استفاد البعض من هذه الازمه وصقلت لديه بعض المعارف.
    وقد تضرر الكثير منها من النواحي الاجتماعية والرحمية فقد انقصم ظهر المجتمع.

    الشعوب العربية تدفع دماء لدفع شأن الامه والعودة للماض العريق ورفع كرامة الفرد
    اما حالنا فوا اسف و حره لأنه تفتت الشمل ولا رجعه له لسابق وده وتراصه ولحمته لانقطاعها من الجذور
    وانهدامه من الاساس
    الحمد لله انك تتجنب الدخول في هذه الصراع العقيم وان هذه لفي صالحك
    اما عن ان الاحكام والتصرف اتجاهها على حسب الفتاوي فالكثير يعرف كيف يتلوى عليها
    وايجاد مخارج شرعية على حسب هواه ورغبته وليس ذلك بجديد.

    اما الحديث عن الخصومات وانها مستشريه فهذا موجود في مضامير الحياه ولكنها شخصيه لكنها اليوم في قضيه عامه هدت اركان العباد والبلاد و لم يرض فيها بتحكيم العلماء والفقهاء فكيف السبيل لها بحل
    لم يطرق له باب ان من اشتغل بهذه القضية الان لم يكن متفرغ لها ولديه اهتماماته التي فرضها الله عليه
    لكن اجبرته هذه المعضلة التي فرضت عليه فرضاً
    ان يقتطع من وقته الهادف حتى يزيل هذه الغمه
    وان ما تراه من هذا العالم انه صاحب خير عميم عليك فهو لغيرك صاحب سؤ و جحيم فليس لكل الناس منظارك ولا فضل عليه لغيرك

    و ان ما تدعيه من حسن خدمته للامه وتعرضه للخطر من اجلها فهذا من المضحكات المبكيات
    فهل انسياقه تحت مظلة ولاه الامر من حوار وطني الى فتنة قتل الحوثيين او ما فعله في السفارة الأمريكية ولا ندري ما فعل
    هذه هيا الخدمة؟ رحم الله من عرف قدر نفسه وقدر الاخرين كذلك

    نعم لقد قامت المعارك في المقابر على مرأى ومسمع الجميع لكن هناك معارك اشد و انكى في الدور والبيوت
    بين الحبيب وحبيبه وبين الاخ و شقيقه والابن ووالده وهذا وذاك قد تشرذم الجميع ولم يستفد احد
    الموتى قد ارتاحوا من هذا البلاء الذي صب عليهم من غير ذنب اجترحوه والان لم يعودوا يشعرون بحماقة من يقوم بها
    واجرهم الله وسيعوضهم ما جرى بحقهم
    التعدي على الاحياء والاموات مرفوض في تشريفنا السماوي سواء كان هذه الانسان كائن من كان (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوًا بغير علم)
    فديننا دين الاخلاق والسمو والرفعة و لا يرضى حتى بإيذاء الحيوان فكيف بالإنسان
    فلا اهانه نرتضيها للكل وليس فقط لمن علمنا او فاض علينا من توجيهاته فالجميع محترم
    اما الإهانة فيجب ان ترد بالترفع عنها او ردها بمثلها (السن بالسن) ولكن ليس بأكثر منها في ذلك ظلم
    فليس بالإبادة والانتقام و خروج احقاد السنوات الاربع دفعه واحده وصب جمام الغضب بحيث لا يرضى الله ولا خلقه

    إن إهنانة رجل الدين الحقيقي يجب ان يتدخل في حلها عقلاء القوم وليس سفائهم
    وان كانت عمامة هذه العالم قد اهينت قبل اهانتها في المقبرة وذلك عندما نزع عمامة الحوزة الشريفة واستبدلها والده بعمامة من عنده
    في ذلك الحفل حفل التهريج انما فعل رامي العمامة في المقبرة ليس بقدوه لكم لتحلقوا لحي جيرانكم
    الجميع لا يرضى باحتقار العلماء فلكل عالم رؤيته حتى و ان لم نتفق معه في الرواء
    اما النزاعات الجارية فليست برغبه من الاشخاص المنخصين بالمناسبة فهي تأتي من وحي الموقف و لا اراده لاحد بإقامتها الا من بيت النية لصالحه
    في زواج هذه او وفاة ذاك وليس في يدك سلطه فيما يقع لأنه ليس تحت ارشادك
    فهذه فتنه عمياء لم تبق ولم تذر فلا ابط مالك حتى في زواجك قد جمعت الاضداد ولم يكن هناك انسجام او احترام فلا تتباهى
    يرعاك الله اما عند وصولنا لحتافنا فعسى ان نجد من يوارينا الثرى لان الجميع الان بات مترهبا من سفلة قومنا وحماقاتهم
    فلا يريدون ان يعرضون كراماتهم للأذى من هذه الفتنه اعننا الله واياك على تجاوزها بأقل الخسائر وان يهدنا الله لطريق الرشاد والهدى
    والسلام عليكم

    ردحذف